القلق “anxiety”:

كتب: جلال مراد

لإن كان الاكتئاب سببه اضطراب وجداني بسبب أمر حدث في الماضي، فإن القلق خوف من أمر سيحدث في المستقبل. 

الشخص الذي يعاني من القلق غالباً ما تحتل مساحة تفكيره مخاوف من أمر في المستقبل كانفصال عن شريك، الهلع من ترك الوظيفة ،الخوف من المرض في المستقبل أو خسارة أحد يحبه، أو عقوبة ينتظرها من القدر أو من شخص ما . 

الأوهام والخيالات المرتبطة بالحدث الذي يخاف حصوله في المستقبل تجعله مستنفذ الطاقة ، مشلول نفسياً غير قادر على التركيز في حياتهالخاصة والعامة. فلا وقت نفسي لديه ليقوم بأي نشاط يحتاج تركيز أو مثابرة، ويشعر دوما أنه لا يمتلك الوقت رغم أن مهامه الحياتية مثل أي شخص وواقع إحساسه بضيق الوقت هو انشغاله بمخاوفه وأوهامه والتضخيمات الحادة لما سيحصل بالمستقبل، وانعدام طاقته الذهنية من خلال الدخول في آلاف الاحتمالات للخروج من المأزق التي تنتهي دوما بالعودة لنقطة الصفر. 

تختلط عند الشخص القلق الحقائق بالأوهام وينتج عنها أنه قد يعادي من هو معه ويصادق من هو ضده !! وللمتنبي إشراقة توضح ذلك : 

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه

وصدق ما يعتاده من توهم 

وعادى محبيه بقول عداته

وأصبح في ليل من الشك مظلم

من أعراض القلق النفسية: 

  • توتر حاد بالمزاج.
  • تنبيه دائم وفرط بالتفكير. 
  • تبعثر الذات وعدم مركزيتها ، وأزمة في الهوية. 
  • مخاوف غير عقلانية ، وتوقع للسلبي دوماً. 
  • تشتت التفكير ، والتفكير التشعبي غير المنظم.
  • ردود افعال حادة اتجاه بعض الامور المحددة، وغياب ردود الفعل أمام أمور أخرى. 
  • مشاعر متناوبة غير ثابتة من تأنيب الضمير. 

ومن الأعراض الجسدية: 

  • قضم الأضافر. 
  • حركات لا إرادية كقضم الشوارب ، او الحك في جزء معين من الوجه ، او عرات وحركات لا إرادية متكررة. 
  • شد قوي في عضلات الرقبة وعظلات الكتف، وقد تؤدي إن كان القلق مزمن لانفراص في فقرات الرقبة. 
  • القولون العصبي، وتعثر عمليات الهضم. 
  • ازدياد إفراز الأحماض في المعدة والتي قد تؤدي إن كان القلق مزمن لقرحة معوية. 
  • شد في المفاصل وخصوصا فترة النوم ، مما يؤدي إن كان القلق مزمن لإلتهاب المفاصل الرثوي. 

العلاج الدوائي: 

في الحالات المتطرفة من القلق ، أو الحادة والمرمنة يحتاج المريض لتدخل دوائي وعموما تستخدم بعض عقاقير مضادات الاكتئاب لعلاج القلق، أو مضادت القلق، أو بعض المهدئات . لكن يبقى مفعول العلاج الدوائي تلطيفي، لتقليل خدة موجات القلق وحصرها في الحدودالطبيعية. ولا غنى عن العلاج النفسي. 

العلاج النفسي: 

في بعض حالات القلق لا يحتاج المريض لعلاج دوائي وخصوصا الحديثة، أو غير الحادة، لكن حتى في ظل وجود تدخل دوائي فإن المريضالذي يعاني من القلق يحتاج لعلاج نفسي ، وتفيد معه مهارات العلاج السلوكي الإدراكي ، والعلاج المعرفي، ونقطة الفصل في العلاج تتلخص في أن يواجه المريض مخاوفه ، وبالتالي يعطي الحجم الحقيقي لتوقعاته بعد إلغاء التضخيم والأوهام المرتبطة بتلك المخاوف. 

غالبا ما يعاني الأهل من هواجس وانفعالات ومخاوف المصاب بالقلق، حيث لا تجدي كل الأحاديث والنصائح في تغيير المعادلة المرضية، لابل تزيدها !!!

فالتطرق لموضوع القلق والحديث حوله يزيد الحالة سوء ويشعل الانفعالات لدى المريض ويزيد المخاوف والأوهام. ويشبه الحوار معه من الأهل والمقربين مشابه لكرة الثلج التي كلما تحركت كلما كبر حجمها وجمعت المزيد من الأوهام والمخاوف. لذلك ينصح الأهل بعدم فتح الملفات الساخنة لدى المريض ، وعدم الانجرار معه في حوارات تتعلق بهذه الملفات في حال فتحها. بل دوما فتح مواضيع بعيدة مل البعد عن موضوع قلقه. فالمعالج فقط هو الخبير المدرك الذي يستطيع فتح هذه الملفات بقصد التعافي . 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *